جامع قرطبة و كنيسة آيا صوفيا باسطنبول: عندما يتحوّل المسجد إلى كنيسة و الكنيسة إلى مسجد

آية صوفيا بأسطنبول

المسكيتا بقرطبة

جامع قرطبة في الاندلوسيا ذلك المعلم الضخم ذو 800 سارية حوله الفاتحون الأسبان إلى كنيسة  ثم إلى كاتدرائية مباشرة بعد سقوط قرطبة سنة 1239 ميلادي وبنو في قلب المسجد الكنيسة الكبيرة سنة  1523 ميلادي.طبعا هي مشيئة الغالب و تقلبات التاريخ.أثناء زيارتي لهذا المكان في نهاية شهر افريل من هذه السنة ،انتابني ذهول من عظمة هذا التراث و تعملقه.في الداخل، بصمات المسجد الجامع حاضرة في كل جزء منه رغم عنف التغييرات التي واجهها هذا المعلم،فلا الكنيسة التي بنيت في قلبه و لا اللوحات الزيتية المنتشرة في أرجاءه ولا المتحف لآثار مسيحية استطاعت أن تمحو هويته الإسلامية.هو اليوم كنيسة و مزار سياحي و هو محمي كتراث عالمي.محراب الجامع الرائع لا يبعد إلا عشرات الأمتار عن الكنيسة المليئة بالمصلين.منظر أوحى لي أن الدين لله وان كل إنسان يستطيع أن يعبد الله بطريقته مهما كانت عقيدته تحت سقف واحد.فالعداوة يصنعها الإنسان وليست مواقع العبادة.

و أنا أتجول داخل جامع قرطبة الذي يسميه الأسبان المسكيتا، تذكرت الزيارة التي قمت بها في الماضي إلى اسطنبول بتركيا وقمت وقتها بزيارة معلم آيا صوفيا و هي كنيسة بيزنطية حولها العثمانيون إلى مسجد مباشرة اثر سقوط القسطنطينية في أيديهم سنة 1453 ميلادي.و قد حولها كمال أتاتورك رئيس جمهورية تركيا آنذاك إلى متحف سنة 1934 ميلادي.هي الآن من أهم المعالم السياحية في اسطنبول.مسجد آيا صوفيا بهرني هو أيضا بعظمته و كبره وثرائه بالمعلم التاريخية.هو أيضا يروي قصة امة انهزمت و أخرى انتصرت. البيزنطيون النصارى انهزموا و العثمانيون المسلمون انتصروا.و كما وقع لمسجد قرطبة فان التغييرات و الترميمات التي صاحبت فترة حكم العثمانيين و تحويلها إلى مسجد لم تسلب منها روحها وهويتها النصرانية.فلا المحراب و لا المعلقات المكتوبة بالأحرف العربية استطاعت أن تطمس نصرانيتها .المسجد حافظ على كثير من اللوحات الفسيفسائية التي تظهر مريم العذراء و السيد المسيح لأسباب غير معروفة. ولكنه في نظري يحمل نفس الدلالات و نفس الرسالة التي أوحى بها مسجد المسكيتا بقرطبة.

وخلاصة القول أن لوحات المسيح و مريم العذراء لم تمنع المسلمين من أداء مناسكهم بمسجد آيا صوفيا باسطنبول طيلة قرون مضت بينما لم يمنع المحراب المسيحيين من أداء صلواتهم في مسجد المسكيتا بقرطبة.