vendredi 22 février 2013

ظاهرة "الألتا أكوا" بالبندقية او عندما تغرق المدينة بمياه البحر مرتين

المياه تغمر مدينة البندقية

حار و حلو

Alta Aqua*:ظاهرة ارتفاع مستوى البحر في بحيرة فينيسيا فتغمر المياه أجزاءا كبيرة من مدينة البندقية


وصلت الى مطار البندقية الايطالية المعروف بمطار "مارك بولو" وقت الظهر على متن رحلة الخطوط الجوية التونسية بعد تأخير الاقلاع بثلاث ساعات  كاملة في مطار تونس قرطاج لأسباب لا  يعرفها الا موظفو شركتنا الوطنية.و كان ذلك صبيحة يوم من أواخر أيام شهراكتوبر 2012، عند وصولنا،كان الجو باردا و السحب الدكناء تغطي السماء بالكامل فتحول النهار الى شبه ظلمة  و المطر ينزل خفيفا بدون انقطاع .لم أجد صعوبة كبيرة في الوصول الى النزل المتواجد في منطقة "ماستر" على اليابسة  التي تبعد حوالي 10 كلم على جزيرة البندقية بوسائل النقل العمومي حيث امتطيت الحافلة رقم 15  التي تربط بين مطار البندقية و "ماستر" و بسعر 6 يورو. النزل يسمى "نزل باريس " و هو قريب جدا من محطة الأرتال و من محطة الحافلات التي تربط البندقية بوتيرة حافلة كل 20 دقيقة تقريبا.النزل من فئة 2 نجوم و هو نزل صغير متميز على مستوى الاستقبال و الخدمات و وجبة فطور الصباح رغم سعره المرتفع نسبيا.و قد أخترته لتدني سعره مقارنة بأسعار النزل على جزيرة البندقية  التي غالبا ما تكون خارج مقدرتنا المالية.
  اقتنيت تذكرة نقل بسعر 30 يورو صالحة 48 ساعة  يمكن استعمالها  في كل الاوقات للتنقل بين ماستر و البندقية  بالحافلة و ايضا لاستعمال الحافلات البحرية او العبَارات التي تجوب شوارع البندقية المائية.كان مكوثي في النزل قصير جدا فنزلت مسرعا أريد اغتنام كل اللحظات التي توفرها اقامتي  القصيرة جدا لمدة 48 ساعة لزيارة اكثر ما يمكن من معالم هذه المدينة الشهيرة العائمة. قاومت البرد و رذاذ المطر و ولجت اول حافلة تقصد مدينة البندقية.مرت الحافلة و سط بحيرة فينيسا فوق قنطرة طويلة تربط البندقية باليابسة و تسمى هذه الطريق طريق الحرية. بحيرة  فينيسيا هي بحيرة شبه مغلقة وقليلة العمق و تقع على الجانب الايطالي من البحر الادرياتيكي.
وصلت الحافلة الى المحطة الوحيدة و الرئيسية  في مدخل مدينة  البندقية وتسمَى" بيازالي روما" وقد بدأ المطر ينهمر بغزارة و الليل يكتسح المكان .فتحت سحابتي التي تسلَحت بها من تونس تحسبا لهذه اللحظات و اندفعت الى المحطة العائمة المتواجدة مباشرة حذو قنطرة الدستور هذه القنطرة الجميلة  المسماة بالايطالية "بونتي دي لا كونستيتيسيوني" و هو اسم رائع في الواقع اين ركبت العبَارة او الحافلة المائية او" الفابوريتَو" كما يسمَونه أهالي البندقية و رقمها هو 4.2.سالت عامل العبارة التي يسهر على هبوط وصعود المسافرين و السيَاح"سان ماركو ؟ " فأجابني بلغة هي مزيج بين الايطالية و الانقليزية"ياس،سان ماركو".أردت فقط ان اتأكَد أن الوجهة المقصودة هي سان ماركو ..شخصيا لم أزر البندقية من قبل و لكني أعرف عنها الكثير من خلال تصفح مواقع الواب السياحية و الثقافية الخاصة بهذه المدينة.اصبحت  أعرف بطريقة افتراضية أهم المعالم السياحية و مواقعها و خطوط محطات العبارات المائية و وجهتها و حتى التذاكر و كيفية اقتنائها. وكان برنامجي الذي أردت تنفيذه تلك الليلة هو نزهة ليلية في الشارع البحري الرئيسي  لمدينة البندقية المسمى "قران كنال" و زيارة ليلية لميدان سان ماركو أشهر معلم بمدينة فينيسبا. و قد تم ذلك بالفعل. انطلقت العبارة عبر القران كنال و مرت من تحت قنطرة الدستور و جابت كل ذلك الشارع المائي الكبير المدهش مرور بقنطرة " الريالتو " الشهيرة.ورغم المطر و البرد فقد كانت لحظات من المتعة و الاغتراب الكامل .كانت عاصفة مطرية شديدة الغزارة و لكن منظر القصور و المباني التاريخية المضاءة بالمصابيح  على ضفاف القناة  يتلاطمها الموج تعطي لهذه المدينة سحر خاص و وقع فريد من نوعه.
نزلت بمعية الكثير من السيَاح في محطة سان ماركو وتوجت الى ميدان سان ماركو .المطر ينهمر و لكن السحابة التي جلبتها معي من تونس أدت لي خدمة لن أنساها.قمت باستطلاع خارجي سريعة  لقصر الدوج و كاتدرائية سان ماركو و ساحة سان ماركو الرائعة .لفت انتباهي زحام على شراء مثلجات "   الآيس كريم" في هذا البرد القارص.تواصل الامطار جعلني ارجع بسرعة الى "ماستر" آملا أن يكون صباح الغد مشرقا حتى أستمتع بزيارة هذه المدينة المميزة .

في الصباح اليوم الموالي،كنت سعيدا و محضوضا جدا لان الطقس جميل بشكل لا يوصف،فالشمس بازغة و الجو دافئ و السماء زرقاء،ركبت الحافلة بسرعة و أتجهت الى البندقية بعد وصولي مباشرة  ركبت العبَارة في اتجاه سان ماركو.المفاجأة الكبرى هي ارتفاع  مستوى  مياه البحر في القنال في حدود 1.4 مترو قد غمرت المياه مداخل المباني و الشوارع و الأنهج و دخلت إلى المحلات . .أهالي البندقية يسمون هذه الظاهرة  "ألتا أكوا"  أو " المياه العالية" و هي ظاهرة معقدة تتسبب فيها الامطار  والرياح و المد و الجزر في منطقة الأدرياتيكي. وصلت العبَارة الى سان ماركو ،كل الساحة تغمرها المياه ،ازدهرت بيع نوع من الجوارب البلاستيكية تلبس كالحذاء  بسعر 10 يورو الزوج، السيَاح يتهافتون عليها و بعد ان يلبسوها يواصلون سياحتهم بكل هدوء ."الألتا أكوا" بالنسبة للبعض هي فرصة للعب و المرح في ساحات سان ماركو.بلدية البندقية تجهز الشوارع و الأنهج بممرات من اللوح تكون ملاذ السيَاح للتنقل داخل المدينة و قد دامت هذه الظاهرة حوالي 5 ساعات رجعت الحياة بعدها الى حالتها الطبيعية  في الجهات التي غمرتها المياه .تاريخيا سجَلت البندقية سنة 1966 ارتفاعا للمياه يساوي 1.94 م حيث غمرت المياه اكثر من 75 بالمائة من المدينة..ما يلفت النظر هو تعود الاهالي على هذه الظاهرة  فأصبحت جزءا من حياتهم يتعايشون معها ببرودة دم تزعجني شخصيا ،فلا هلع و لا خوف و لا احباط و لا تذمر،بعد الظاهرة يتولى الاهالي تنظيف المحلات والنزل و المقاهي و المعالم بنفس الحماس.الاهالي يوظفون هذه الظاهرة كمنتوج سياحي لجلب  مزيد من السيَاح.  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire